فيما يتعلق بالبروتوكولات المتبعة في استقبال الشخصيات الرسمية في باريس، هناك سياقات محددة تعكس درجة التقدير السياسي والدبلوماسي التي تحظى بها هذه الشخصيات. فبناءً على التجربة الطويلة في التعامل مع مثل هذه الزيارات، يمكن فهم كيفية تقييم الحكومة الفرنسية لكل ضيف يتوجه إلى العاصمة. تتضمن هذه البروتوكولات عدة مراحل وأنواع استقبال، يمكن تلخيصها كما يلي:
1. استقبال الضيوف رفيعي المستوى: عندما يكون الضيف شخصية هامة مثل رئيس دولة أو مسؤول رفيع، يتم استقباله في أحد مطاري باريس الرئيسيين (شارل ديغول أو أورلي)، حيث يُفرش السجاد الأحمر ابتداءً من الطائرة وصولًا إلى قاعة الاستقبال. في هذه الحالة، يتواجد في الاستقبال كبار المسؤولين مثل رئيس الوزراء أو وزير الخارجية، بالإضافة إلى الطواقم الدبلوماسية من كلا البلدين.
2. استقبال زيارات الدولة: في حال كان الضيف ملكًا أو رئيسًا في زيارة رسمية، يتم رفع علم دولته بجانب العلم الفرنسي على جميع الساريات الممتدة على طول شارع الشانزليزيه باتجاه القصر الرئاسي، كما تتقدم الموكب قافلة من خيول حرس الشرف.
3. الضيوف العسكريون والمدنيون: إذا كان الضيف شخصية عسكرية، يتم استقباله من قبل حرس الشرف مع عزف المارش العسكري، أما إذا كان ضيفًا مدنيًا، فيدخل بسيارته إلى باحة القصر.
4. دلالات استقبال الضيوف داخل قصر الإليزيه: كما أن الموقع داخل قصر الإليزيه نفسه يعكس مدى التقدير الذي يحظى به الضيف، ففي حال كان الرئيس الفرنسي يهبط من أعلى درجات السُلّم لاستقبال الضيف، فهذا يعتبر علامة على احترام كبير. أما إذا ظل الرئيس عند شرفة الاستقبال، فهذا يشير إلى أن الضيف لا يحظى بمكانة دبلوماسية رفيعة.
الاستقبال غير المعتاد للجولاني: عند وصول الجولاني إلى باريس، كانت طريقة الاستقبال مثيرة للانتباه، حيث لم تتبع السياقات المعتادة. فبدلاً من السجاد الأحمر التقليدي، تم فرش “دواسة تواليت” صغيرة (مساحتها نصف متر مربع) أمامه عند نزوله من الطائرة. كما كان في الاستقبال ضابط شرطة فرنسي من وزارة الداخلية، وهو ما يثير تساؤلات حول درجة التقدير السياسي التي كان يتمتع بها الضيف.
من خلال هذه الدلالات، يمكن استنتاج أن استقبال الجولاني في باريس لم يكن مرحبًا به بالشكل المعتاد. بل بدا أن الرئاسة الفرنسية تعمدت التعامل مع الزيارة بطريقة تهدف إلى تقليص مكانته الدبلوماسية وإثبات أن الجولاني ليس رئيس دولة ذو شرعية كاملة، بل قد يكون محل شبهة قانونية.
No responses yet